أمراض القلب والشرايين تُعد من أكثر الأمراض شيوعًا وخطورة حول العالم، وتشير إلى مجموعة من الحالات التي تؤثر على أداء القلب والأوعية الدموية. من أبرز أنواعها: مرض الشريان التاجي، فشل القلب، اضطرابات نبض القلب، وارتفاع ضغط الدم. كما تشمل أيضًا تصلب الشرايين والسكتات القلبية أو الدماغية الناتجة عن انسداد الأوعية الدموية.
تعود الأسباب الرئيسية لأمراض القلب والشرايين إلى عدة عوامل، أبرزها: التدخين، ارتفاع الكوليسترول، ارتفاع ضغط الدم، قلة النشاط البدني، التغذية غير الصحية، التوتر المزمن، والسكري. بالإضافة إلى العوامل الوراثية والتقدم في العمر، والتي تزيد من خطر الإصابة.
الكشف المبكر عن أعراض هذه الأمراض، واتباع أسلوب حياة صحي، هما مفتاح الوقاية وتعزيز صحة القلب. إذا كنت تسعى لفهم أفضل لأمراض القلب وكيفية تجنبها، فابدأ بمعرفة الأسباب والأنواع الأكثر شيوعًا لضمان حماية نفسك وعائلتك من مضاعفاتها الخطيرة.
تعريف أمراض القلب والشرايين: ما الفرق بينهما؟
ما الفرق بين أمراض القلب والشرايين؟ فهم دقيق للمصطلحات والمخاطر.
في البداية، يُعد مرض القلب (Heart Disease) مصطلحًا واسعًا يشمل أي حالة تؤثر على وظائف القلب نفسها—سواء كانت تلك اضطرابات في النظم القلبي، تشوهات صمامات القلب، أو فشل القلب. بينما يُشير مصطلح أمراض الشرايين التاجية (CAD أو CHD) تحديدًا إلى الحالات التي تصيب الشرايين التي تغذي القلب بأنسجة ضارة وطبيعية.
المرض القلبي يشمل أمراضًا ثلاثة رئيسية: الفشل القلبي، اضطرابات النظم القلبي، وتشوهات القلب الخلقية.
أما أمراض الشرايين التاجية فتنتج عن تراكم الدهون واللويحات في جدران الشرايين التاجية، مما يُقلل تدفق الدم إلى عضلة القلب ويسبب أعراضًا مثل الذبحة الصدرية أو النوبات القلبية.
أي مرض يؤثر في القلب بشكل مباشر يُعتبر مرضًا قلبيًا.
أما إذا كان السبب الرئيسي هو ضيق أو انسداد الشرايين المغذية للقلب فهذا يُعد من أمراض الشرايين التاجية، وهو الأكثر شيوعًا ضمن فئة أمراض القلب.
️الدلالة الأهم: عندما تسمع “مرض القلب”، فقد يعني هذا أحد أنواع الأمراض القلبية المتعددة، بينما مصطلح “تصلب الشرايين التاجية” يرتبط دائمًا بضيق الشرايين المؤدية إلى القلب بحد ذاته.
فهم هذا الفارق يساعدك على التعرف بشكل أفضل على التشخيص والعلاج المناسب، ويُعد جزءًا لا يتجزأ من إدارة صحة القلب بوعي وذكاء.
أمراض الشريان التاجي: السبب الأول للنوبات القلبية
مرض الشريان التاجي، أو ما يُعرف بـأمراض الشريان التاجي (Coronary Artery Disease – CAD)، هو السبب الأكثر شيوعًا لحالات النوبة القلبية وأحد أخطر أمراض القلب. يحدث هذا المرض نتيجة تكوّن ترسبات دهنية (اللويحات) داخل شرايين القلب، مما يقلل تدفق الدم المؤكسد إلى عضلة القلب ويعرضها للإصابة بالتلف أو الإقفار القلبي.
أعراض شائعة:
ألم أو ضغط في الصدر (الذبحة الصدرية) يظهر عند بذل مجهود أو انفعال، وقد ينتشر إلى الذراع أو الرقبة أو الظهر
ضيق تنفس.
في الحالات الحادة: غثيان، تعرق شديد، أو إجهاد غير مفسّر، وقد يظهر انهيار مفاجئ في الحالة الصحية
عوامل الخطر المؤدية إلى CAD:
ارتفاع ضغط الدم
ارتفاع الكوليسترول والدهون الثلاثية
داء السكري
السمنة
قلة النشاط البدني
التدخين
التوتر النفسي المزمن والعامل الوراثي .
التشخيص والعلاج:
يعتمد التشخيص على فحص الحالة الصحية، اختبارات ضغط الدم والكوليسترول، تخطيط القلب، واختبارات التصوير مثل إيكو القلب أو القسطرة التاجية
تشمل الخيارات العلاجية: تعديل نمط الحياة، أدوية خافضة للكوليسترول وضغط الدم، وفي الحالات المتقدمة قد يتم اللجوء إلى قسطرة القلب أو عملية تحويل مسار الشريان (CABG) .
الوقاية أساس النجاح:
يشير الأطباء إلى أن حوالي 90 % من حالات أمراض الشريان التاجي يمكن الوقاية منها عبر تغييرات نمط الحياة مثل ممارسة الرياضة، النظام الغذائي الصحي، والإقلاع عن التدخين .
في النهاية، مرض الشريان التاجي هو عامل خطر كبير للنوبات القلبية، لكن يمكن السيطرة عليه بالواعية والفحص الدوري والتغييرات الصحية الذكية.
فشل عضلة القلب: عندما يعجز القلب عن ضخ الدم بفعالية
يُعد فشل عضلة القلب (Heart Failure) من أخطر المشكلات القلبية المزمنة التي تؤثر على جودة الحياة، إذ يعجز القلب عن ضخ كمية كافية من الدم لتلبية احتياجات الجسم من الأكسجين والمواد الغذائية. هذا الخلل لا يعني توقف القلب، بل انخفاض كفاءته في ضخ الدم، مما يؤدي إلى تراكم السوائل في الرئتين والأطراف، والشعور المستمر بالتعب وضيق التنفس.
تتعدد أسباب فشل عضلة القلب، ومن أبرزها أمراض الشريان التاجي، ارتفاع ضغط الدم غير المعالج، اعتلال عضلة القلب، النوبات القلبية السابقة، واضطرابات صمامات القلب. كما تزداد نسبة الإصابة به مع التقدم في العمر ووجود أمراض مزمنة كالسُكري أو السمنة.
تظهر الأعراض تدريجيًا وتشمل ضيق التنفس خاصة عند الاستلقاء، تورم القدمين والكاحلين، زيادة سريعة في الوزن، خفقان القلب، والسعال المزمن المصحوب بالبلغم. وتتطلب هذه الأعراض تقييمًا عاجلًا لتحديد درجة فشل القلب ووضع خطة علاج فعالة.
يشمل العلاج تغييرات نمط الحياة، أدوية لتحسين أداء القلب وتقليل احتباس السوائل، ومراقبة دقيقة للوزن وضغط الدم، بالإضافة إلى تدخلات جراحية في بعض الحالات مثل زرع جهاز تنظيم ضربات القلب أو القسطرة.
التشخيص المبكر والمتابعة الدقيقة هما المفتاح لتفادي المضاعفات الخطيرة. لا تهمل علامات التعب المتكرّر أو صعوبة التنفس، فقد تكون إشارة إلى أن قلبك بحاجة إلى دعم.
اضطرابات نبض القلب: الخطر الخفي خلف دقات غير منتظمة
تُعد اضطرابات نبض القلب من الحالات الشائعة التي غالبًا ما تمر دون تشخيص مبكر، رغم أنها قد تُشير إلى مشاكل قلبية خطيرة. تتنوع هذه الاضطرابات بين تسارع النبض (Tachycardia)، تباطؤه (Bradycardia)، أو عدم انتظامه (Arrhythmia). وقد يشعر المريض بخفقان القلب، أو “نبضات زائدة” أو حتى انقطاع مؤقت في الإيقاع، ما يجعلها من المؤشرات الخفية التي قد تسبق نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
ترتبط هذه الاضطرابات بعدة عوامل مثل الإجهاد، اضطرابات الغدة الدرقية، ارتفاع ضغط الدم، أمراض الشرايين التاجية، أو حتى تناول أدوية معينة. في بعض الحالات، تكون هذه النبضات غير المنتظمة غير ضارة، بينما في حالات أخرى قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل الجلطات الدموية، فشل القلب، أو توقف القلب المفاجئ.
الفحص المبكر باستخدام تخطيط القلب ECG، جهاز هولتر، أو الإيكو القلبي يمكنه الكشف بدقة عن نوع الاضطراب وتحديد خطورته. أما العلاج فيعتمد على السبب، وقد يشمل تغيير نمط الحياة، أدوية لضبط الإيقاع، أو تركيب جهاز منظم لضربات القلب (Pacemaker).
إذا شعرت بخفقان متكرر، دوخة، أو ضيق تنفس غير مبرر، فلا تهمل الأمر — فاضطرابات نبض القلب ليست مجرد “دقات عابرة”، بل مؤشر مبكر على خطر لا يُرى بالعين.
العلاقة بين أمراض الشرايين والسكتة الدماغية
تُعد أمراض الشرايين من أبرز العوامل التي تؤدي إلى السكتة الدماغية، وهي حالة طارئة تحدث عندما ينقطع تدفق الدم إلى جزء من الدماغ، مما يمنع الأكسجين والمغذيات عنه ويؤدي إلى تلف خلايا الدماغ خلال دقائق. هذا الانقطاع غالبًا ما يكون نتيجة لتصلب الشرايين أو تراكم الدهون واللويحات في جدران الأوعية الدموية، ما يسبب تضيقها أو انسدادها.
عندما تصيب أمراض الشرايين الشرايين السباتية (Carotid arteries) المسؤولة عن تغذية الدماغ، فإن خطر حدوث سكتة دماغية يزداد بشكل كبير. فتمزق اللويحات أو تكوّن جلطة دموية يمكن أن يؤدي إلى انسداد مفاجئ في أحد الأوعية الدموية داخل الدماغ، ما يسبب السكتة.
تشمل عوامل الخطر المشتركة بين أمراض الشرايين والسكتة الدماغية: ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول، السكري، التدخين، قلة النشاط البدني، والسمنة. ويمكن تقليل هذا الخطر باتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة، والسيطرة على الأمراض المزمنة.
فحص الشرايين بانتظام، خاصة عند وجود تاريخ عائلي أو عوامل خطر واضحة، يُعد خطوة وقائية مهمة. الحفاظ على صحة الشرايين لا يقي فقط من أمراض القلب، بل أيضًا من أحد أخطر مضاعفاتها: السكتة الدماغية
العوامل التي تؤدي إلى تلف الشرايين: التدخين، الضغط، والكوليسترول
تلف الشرايين هو الخطوة الأولى نحو أمراض القلب والسكتات الدماغية، وتحدث هذه المشكلة تدريجيًا نتيجة لمجموعة من العوامل الخطرة التي تؤثر على صحة الأوعية الدموية. من أبرز هذه العوامل: التدخين، ارتفاع ضغط الدم، وارتفاع الكوليسترول.
التدخين يُعد من أكثر العوامل تدميرًا لجدران الشرايين، حيث يُضعف بطانتها الداخلية، ويزيد من تراكم الترسبات الدهنية داخلها، مما يؤدي إلى تضييقها وتصلبها. كما يزيد من احتمالية تكوّن الجلطات.
ارتفاع ضغط الدم يؤدي إلى ضغط زائد ومستمر على جدران الشرايين، ما يُضعفها مع مرور الوقت، ويزيد من خطر التمزق أو الانسداد. هذا الضغط المفرط يعجل من تلف الأوعية الدقيقة في القلب، الدماغ، والكلى.
ارتفاع الكوليسترول الضار (LDL) يسهم بشكل مباشر في تكوين لويحات دهنية داخل الشرايين، مما يسبب انسدادًا تدريجيًا قد يؤدي إلى نوبة قلبية أو سكتة دماغية.
الحفاظ على نمط حياة صحي، يشمل الإقلاع عن التدخين، خفض استهلاك الدهون المشبعة، ومراقبة ضغط الدم والكوليسترول، هو أفضل وسيلة للوقاية من تلف الشرايين ومضاعفاته الخطيرة.
كيف يساهم نمط الحياة اليومي في ظهور أمراض القلب مبكرًا؟
نمط الحياة اليومي له تأثير مباشر على صحة القلب، وقد يكون السبب الخفي وراء ظهور أمراض القلب في سن مبكر. العادات التي نمارسها يوميًا، مثل قلة النشاط البدني، التغذية غير الصحية، التدخين، السهر الطويل، والإجهاد المزمن، تُعد من المحركات الأساسية لتلف القلب والشرايين.
الخمول البدني يؤدي إلى ضعف الدورة الدموية وزيادة الوزن، ما يرفع خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم والسكري، وهما من عوامل الخطر القوية لأمراض القلب.
الوجبات السريعة والمشبعة بالدهون تسهم في تراكم الكوليسترول الضار في الشرايين، مما يُعجّل بحدوث التصلب والانسداد.
الإجهاد المستمر وقلة النوم يؤثران على انتظام ضغط الدم ومستوى الهرمونات، ويزيدان من احتمالية اضطراب نبض القلب.
أما التدخين، فهو العدو الأخطر، إذ يُضعف الأوعية الدموية ويزيد من فرص الإصابة بالنوبات القلبية حتى في عمر الثلاثين أو الأربعين.
الوقاية تبدأ من تعديل نمط الحياة: ممارسة الرياضة بانتظام، تناول طعام صحي، النوم الجيد، والإقلاع عن التدخين والتوتر، كلها عوامل تعزز صحة القلب وتقلل من خطر الإصابة المبكرة.