يُعتبر مرض السكري من الأمراض المزمنة التي قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة إذا لم يتم التحكم فيه بشكل صحيح، خاصةً على الكلى والعين والأعصاب. ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة يُسبب تلف الأوعية الدموية الدقيقة التي تغذي هذه الأعضاء، ما يؤدي إلى اعتلال الكلى (الفشل الكلوي)، اعتلال الشبكية السكري (فقدان البصر)، واعتلال الأعصاب الطرفية الذي يسبب تنميلًا وألمًا شديدًا في الأطراف.
الخبر الجيد أن هذه المضاعفات يمكن الوقاية منها من خلال مراقبة مستوى السكر بانتظام، اتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة، والالتزام بالعلاج الموصوف. كما أن الفحوصات الدورية للكلى، العين، والأعصاب تُمكن من اكتشاف أي مشاكل مبكرًا قبل أن تتفاقم. لذا تذكّر دائمًا أن الوقاية خير من العلاج، والسيطرة على السكري تحميك من مضاعفاته الصامتة والخطيرة.
كيف يؤدي مرض السكري إلى تلف الكلى؟
يُعد تلف الكلى أحد أخطر مضاعفات مرض السكري، ويحدث نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، مما يؤدي إلى إضعاف الأوعية الدموية الدقيقة داخل الكلى. هذه الأوعية مسؤولة عن تنقية الدم والتخلص من الفضلات، ولكن مع مرور الوقت، يتسبب السكر المرتفع في تلف جدرانها، ما يُقلل من كفاءة الكلى ويؤدي إلى ما يُعرف بـالاعتلال الكلوي السكري.
في المراحل المبكرة، قد لا تظهر أعراض واضحة، لكن إذا لم يتم التحكم في السكر وضغط الدم، تتطور الحالة إلى فشل كلوي مزمن يحتاج إلى غسيل كلى أو زراعة كلية. لذلك، يُعد التحكم في السكري، إجراء فحوصات الكرياتينين والألبومين في البول، والحفاظ على ضغط الدم من أهم خطوات الوقاية. التوعية بخطر تلف الكلى بسبب السكري هو مفتاح الحفاظ على صحتك في المدى البعيد.
تأثير السكري على العين: من التشوش البسيط إلى فقدان البصر
يؤثر مرض السكري بشكل مباشر على صحة العين، حيث يُعد من الأسباب الرئيسية للإصابة بـاعتلال الشبكية السكري، وهي حالة تحدث نتيجة تلف الأوعية الدموية الدقيقة في شبكية العين بسبب ارتفاع مستويات السكر في الدم. يبدأ الأمر غالبًا بـتشوش في الرؤية أو زغللة، وقد يتطور مع الوقت إلى نزيف في العين أو انفصال الشبكية، مما يؤدي إلى فقدان البصر الجزئي أو الكامل في الحالات المتقدمة.
كما قد يُسبب السكري مشاكل أخرى مثل الزرق (المياه الزرقاء) وإعتام عدسة العين (المياه البيضاء)، والتي تتفاقم عند عدم التحكم في السكر. لهذا، يُعتبر الفحص الدوري للعين، وضبط مستوى السكر وضغط الدم والكوليسترول من أهم الخطوات لحماية البصر. تذكّر أن الوقاية تبدأ بالوعي، وأي تشوش في الرؤية لدى مريض السكري يستدعي تدخلًا طبيًا فوريًا.
السكري والأعصاب: لماذا يشعر المريض بالتنميل أو الحرقان؟
يُعاني العديد من مرضى السكري من تنميل أو حرقان في الأطراف، وخاصة في القدمين واليدين، وهي أعراض ناتجة عن ما يُعرف بـاعتلال الأعصاب السكري. يحدث هذا التلف العصبي نتيجة ارتفاع مستويات السكر في الدم لفترات طويلة، ما يؤثر سلبًا على الأعصاب الدقيقة ويُضعف قدرتها على نقل الإشارات بشكل طبيعي. فيشعر المريض بوخز، خدر، أو حتى ألم حارق، خاصة في الليل.
هذه الحالة لا تقتصر على الشعور بعدم الراحة، بل قد تؤدي إلى فقدان الإحساس تمامًا، مما يزيد من خطر الجروح والإصابات دون ملاحظة. وللوقاية، يُنصح بـضبط سكر الدم، الالتزام بالعلاج، وفحص القدمين بانتظام. علاج التنميل الناتج عن السكري يبدأ بالتحكم الجيد في المرض وتجنّب تفاقم التلف العصبي، مما يساهم في تحسين نوعية الحياة وتجنّب المضاعفات المزمنة.
ما هي أبرز أعراض المضاعفات الصامتة؟
تُعرف المضاعفات الصامتة لمرض السكري بأنها تلك المشاكل الصحية الخطيرة التي تتطور دون أعراض واضحة في البداية، لكنها تُهدد حياة المريض إذا لم تُكتشف مبكرًا. من أبرز هذه المضاعفات: اعتلال الكلى الذي يتطور دون ألم ويظهر فقط من خلال وجود بروتين في البول، واعتلال الشبكية الذي قد يبدأ بتشوش طفيف في الرؤية قبل أن يؤدي إلى فقدان البصر، إضافة إلى اعتلال الأعصاب الذي يسبب تنميلًا أو ضعفًا تدريجيًا في الأطراف.
كما تشمل المضاعفات الصامتة أيضًا أمراض القلب وتصلب الشرايين، التي قد لا تظهر أعراضها إلا في مرحلة متقدمة مثل الذبحة الصدرية أو السكتة القلبية. لهذا، تُعد الفحوصات الدورية للدم، البول، العين، ووظائف القلب ضرورية لاكتشاف هذه المضاعفات مبكرًا.
التحكم في سكر الدم والضغط والكوليسترول، بالإضافة إلى تبني نمط حياة صحي، هو خط الدفاع الأول ضد هذه المشاكل. الوقاية تبدأ بالفحص، فلا تنتظر الأعراض لتتحرك!
تحاليل وفحوصات دورية تحميك من المضاعفات
القيام بـتحاليل وفحوصات دورية يُعد من أهم الإجراءات الوقائية التي تُمكِّن مريض السكري من اكتشاف أي مضاعفات صحية في مراحلها الأولى قبل أن تتفاقم. من أهم هذه التحاليل: تحليل السكر التراكمي (HbA1c) الذي يقيس معدل السكر خلال 3 أشهر، فحص وظائف الكلى (الكرياتينين والألبومين في البول)، بالإضافة إلى فحص قاع العين للكشف عن اعتلال الشبكية السكري.
كما يُوصى بفحص القدمين والأعصاب الطرفية بشكل دوري، إلى جانب قياس ضغط الدم والكوليسترول لتقليل خطر الإصابة بأمراض القلب. هذه الفحوصات لا تساعد فقط في الكشف المبكر، بل تُعطي صورة شاملة عن مدى السيطرة على المرض وتُوجه الطبيب لتعديل العلاج إن لزم الأمر.
الالتزام بالتحاليل الدورية يعني أنك تتحكم في السكري بدلًا من أن يتحكم هو في حياتك. الوقاية ليست خيارًا، بل ضرورة لحياة صحية ومستقرة.